الجمهور المستهدف: من هو، وكيف تحدده بدقة؟
الجمهور المستهدف: من هو، وكيف تحدده بدقة؟
تستهدف شركة بي إم دبليو العملاء الأثرياء، في حين تركز إيكيا على الشباب بين 25 – 34 عامًا القادر على تأسيس منزل بمفرده، فيما تحرص ليجو على استهداف الصغار والآباء على حدٍ سواء بسبب دورهم في اختيار ألعاب الأبناء. تحرص العلامات التجارية بمختلف أحجامها على دراسة الجمهور المستهدف جيدًا، لكي تصل إلى صانع القرار الحقيقي بالرسالة المناسبة. فكيف يمكن تحديد الجمهور المستهدف بدقة؟
من هو الجمهور المستهدف؟
الجمهور المستهدف هو مجموعة من المستهلكين ذات تركيبة سكانية ونفسية وسلوكية محددة من المرجح أن يكونوا مهتمين بالمنتجات أو الخدمات التي تقدمها الشركة، تمثل هذه المجموعة ركيزة في عملية صنع القرار عند وضع الخطط التسويقية، وغالبًا ما توجه المسوقين إلى مكان إنفاق الأموال في الإعلانات، وكيفية جذب العملاء وتطوير خصائص المنتج نفسه.
يتشارك الجمهور المستهدف في مجموعة من السمات، مثل العمر والنوع والدخل والاهتمامات والتحديات والأهداف. على سبيل المثال، قد يكون الجمهور المستهدف لإحدى العلامات التجارية التي تبيع المنتجات الإلكترونية من الشباب والرجال ممن تتراوح أعمارهم بين 15 لـ 45 عامًا المهتمين بالتقنيات الحديثة، غالبيتهم من ذوي الدخول المتوسطة والمرتفعة ويرغبون في اقتناء أحدث الأجهزة الرقمية.
ما الفرق بين الجمهور المستهدف والسوق المستهدف وشخصية العميل؟
إذا صادفتك هذه المصطلحات الثلاثة من قبل فقد تشعر بالتشابه الكبير بينهم وصعوبة تمييز كل منهم عن الآخر. فثمة علاقة وثيقة بين الثلاثة يمكن تفسيرها ببساطة كما يلي: السوق المستهدف هو المصطلح الأوسع نطاقًا، ويمثل الجمهور المستهدف جزءًا منه، من ناحية ثانية تمثل شخصية العميل نموذجًا فرديًا أكثر تحديدًا وتفصيلًا من الجمهور المستهدف.
إليك مثالًا للتوضيح: في مثالنا السابق عن متجر الأجهزة الإلكترونية، أشرنا إلى الجمهور المستهدف، أما السوق المستهدف فسيكون «المستهلكين في الرياض»، بينما شخصية العميل فهي كالتالي:
«علي، شاب جامعي 22 عامًا، يعيش في الرياض، يتابع دائمًا أحدث اتجاهات الهواتف الجوالة وأجهزة الألعاب والساعات الرقمية، يقضي بعض وقت فراغه في مشاهدة اليوتيوبرز المتخصصين في التقنية والألعاب، يحب ممارسة الرياضة».
ما أهمية تحديد الجمهور المستهدف؟
يخطئ من يعتقد أن جميع الناس سيشترون منتجاته، إذ يحتاج إلى التفكير مرة أخرى في الفئة المحددة التي على استعداد للشراء. فمثلًا لن يشتري الدراجات البخارية سوى من يزيد عمره عن 18 عامًا عندما يكون قادرًا على إصدار رخصة القيادة، فحتى وإن أبدى المراهقين الأصغر سنًا اهتمامًا بالدراجات البخارية، لا يزالون خارج نطاق الجمهور المستهدف، إذ لن يساعدوا في تحقيق مبيعات فعلية.
كما أن الشركات تتنافس على الإنترنت في جذب اهتمام الجمهور، وتحرص على أن تكون في صدارة نتائج البحث، وأن تكون منتجاتهم وخدماتهم مقنعة وملائمة للمشترين. لهذا السبب يحرص الكل على تحديد الجمهور المستهدف جيدًا بما يكفي، لفهم احتياجاته ودراسة ما يريد، وكيف يحب أن يتم التواصل معه.
يمثل تحديد الجمهور المستهدف وفهمه الخطوة الأولى في أي حملة تسويقية، كما أنه يفيد في المجالات التسويقية الآتية:
- كتابة الإعلانات: كيف يجب أن تصف المنتجات والعروض لإقناع الجمهور المستهدف؟
- التسويق بالمحتوى: ما هي المقالات والصور والريلز التي يجب أن تصنعها لجذب الجمهور المستهدف؟
- التسويق عبر البريد الإلكتروني: ما هي الرسائل المحددة التي قد تثير فضول الجمهور المستهدف لقراءة رسائل حملات البريد الإلكتروني؟
- التسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي: ما هي المنصات التي يرتادها الجمهور المستهدف بكثافة أكبر على مدار يومه؟
- الإعلانات الممولة: في أي مكان ينبغي أن يظهر إعلانك، وما خيارات الاستهداف المحددة الخاصة بالإعلان؟
- تحسين محركات البحث: ما هي الكلمات المفتاحية التي يستخدمها الجمهور المستهدف في محرك بحث جوجل لحل مشاكله والبحث عن المنتج وتعكس اهتماماته؟
خصائص الجمهور المستهدف
خصائص الجمهور المستهدف هي التصنيفات التي تستخدم في أثناء تحديد الجمهور بشكل دقيق، من أهم هذه الخصائص:
- التركيبة السكانية: يستند هذا التصنيف إلى المعلومات الاجتماعية والاقتصادية للمستخدمين، مثل السن والدخل والوظيفة والموقع الجغرافي.
- الاهتمامات وأسلوب العيش: يخص هذا التصنيف كل ما يهتم به الناس من هوايات وميول، وأمور لديهم شغف بالبحث عنها مثل الكتب والسفر، تندرج ضمن هذا التصنيف أيضًا الآراء والقضايا التي ينحازون لها.
تساعد معرفة هذه البيانات في التواصل مع الجمهور بطريقة أفضل. على سبيل المثال، نفترض أن الجمهور لديه شغف بمواكبة التقنيات الحديثة، يمكن استخدام ذلك في صياغة الرسالة الإعلانية الخاصة بساعة ذكية صدرت للتو.
- النية الشرائية: يقسم هذا التصنيف الجمهور العام طبقًا لأحدث عمليات البحث التي أجراها عن منتج ما، إذا غالبًا ما يشير ذلك إلى رغبته في الشراء بعد إجراء البحث. على سبيل المثال، يتم تقسيم الجمهور إلى مجموعات مثل مجموعة المستخدمين المهتمين بالأجهزة الجوالة.
كيفية تحديد الجمهور المستهدف بخمس طرق؟
تمثل خصائص الجمهور المستهدف التي تناولناها المعلومات التي تحتاج إلى جمعها من أجل رسم صورة واضحة للجمهور، سنلقي نظرة فيما يلي على طرق البحث التي يمكن استخدامها لجمع تفاصيل عن الجمهور:
1. تعرف على جمهور المنافسين
لا يتشابه المنافسون معك في نوعية المنتجات والخدمات فقط، بل في نوعية الجمهور الذي تستهدفه أيضًا. لذلك يحمل تحليل جمهور المنافسين قيمة كبيرة، وبخاصةٍ إذا كان المنافس سبقك إلى السوق بفترة كافية، كوّن خلالها قاعدة جماهيرية لها خصائص متماسكة.
استخدم إحدى أدوات بحث المنافسين مثل Semrush، لتساعدك في الكشف عن البيانات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والسلوكية لجمهور المنافس. ولاحظ من التحليل ما يلي:
- السمات الديموغرافية: السن والنوع والبلد.
- السمات الاقتصادية: مستوى التعليم والعمل.
- السمات السلوكية: الاهتمامات والأجهزة الأكثر استخدامًا.
بعيدًا عن الأدوات، يمكن دراسة جمهور المستهدف للمنافسين من متابعة تعليقات الجمهور من كثب، مثل التعليقات التي يكتبونها على منشورات الحسابات الاجتماعية، والتعليقات المصاحبة لتقييمات المنتج، إذ تحمل هذه التعليقات معلومات قيمة عن ما أكثر ما أعجبهم في المنتج وما التحديات التي يواجهونها في استخدامه.
2. مواقع التواصل الاجتماعي
الجمهور نشط على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من أي مكان آخر على الإنترنت، لهذا السبب تمثل مواقع التواصل الاجتماعي موردًا معلوماتيًا ثريًا عندما تفكر في كيفية تحديد الجمهور المستهدف. يمكنك معرفة المزيد من المعلومات عن الجمهور من خلال ثلاث طرق:
لاحظ المحتوى الأكثر تفاعلًا
فكر في إجابة هذا السؤال: متى يكون المتابعون أكثر تفاعلًا مع منشوراتك؟ مثلًا هل يفضلون الريلز أم الإنفوجرافيك؟ تخبرك هذه الإجابة عن نوعية المحتوى الذي يفضل الجمهور استهلاكه. لاحظ أيضًا أي منصة اجتماعية تستقطب أكبر عدد من المتابعين، ذلك لأن لكل منصة جمهور بسمات محددة، فمثلا:
- يستقطب إكس (تويتر سابقًا) الشباب والمثقفين، ويعتمد على المحتوى القصير.
- يستقطب فيسبوك العائلات والجمهور الأكبر سنًا، ويتيح نشر المحتوى الطويل والفيديوهات.
- يجتذب انستقرام النساء أكثر من الرجال، ويركز على المحتوى ذي الجاذبية البصرية.
تساعد هذه الملاحظات في تكوين ملامح صورة الجمهور المستهدف، من حيث السن والنوع وطبيعة المحتوى الذي يحبه.
ألق نظرة على التحليلات
تقدم كل منصة اجتماعية أداة التحليلات الخاصة بها مثل رؤى الفيسبوك وتحليلات انستقرام، تساعد أدوات التحليل في معرفة من الجمهور الذي يتابعك وأين يعيش من خلال التركيبة السكانية للمتابعين التي تعرضها، توفر رؤى الفيسبوك مثلًا معلومات تفصيلية أكثر، مثل الاهتمامات والمنصات الأخرى التي يرتادونها، وأسلوب حياتهم مثل هل يشترون منتجات عبر الإنترنت أم لا.
اسأل الجمهور
توفر المنصات الاجتماعية أدوات سهلة لطرح أسئلة على الجمهور مثل استطلاعات الرأي والأسئلة في المنشورات والقصص، اسأل المتابعين عما يحبون رؤيته على حسابك من حيث طبيعة المحتوى والموضوع، ثم استخدم هذه الأدوات لجمع إجاباتهم وتحليلها. مثلًا هل يحبون البث الحي؟ هل يفضلون الحديث عن كيفية اختيار أفضل هاتف جوال؟ نستنتج من التحليل معلومات قيمة عن طبيعة المحتوى الذي يحبونه والتحديات التي تؤرقهم.
3. تحليلات جوجل
إذا كنت تمتلك موقعًا للويب، فإن أداة تحليلات جوجل هي المصدر الأول الذي عليك التوجه إليه لاكتشاف جمهورك، تجمع الأداة رصيدًا رائعًا من بيانات موقع الويب المبنية على بيانات الزوار الحقيقية بعيدًا عن أي افتراضات أو تخمينات. تعرض الأداة البيانات بتقسيم واضح يتضمن رسومًا بيانية. على سبيل المثال: في قسم التقارير> الجمهور: ستجد تفاصيل عن جمهور موقع الويب، مقسمة إلى العمر والنوع واللغة والبلد.
بعيدًا عن المعلومات الديموغرافية المباشرة، استخدم الأداة لتحليل أداء الموقع واستخراج رؤى تفيد في تحديد الجمهور المستهدف، لاحظ مثلًا صفحات المدونة الأفضل أداءًا أو صفحات الهبوط التي حظت بأكبر عدد من الزيارات وأطول وقت للجلسة، تمنحك هذه البيانات معلومات قيمة عن اهتمامات الجمهور المستهدف وما الذي يثير انتباهه.
4. المقابلات
المقابلات هي لقاء مباشر بينك وبين الجمهور يجرى بشكلٍ شخصي أو عبر الإنترنت، تطرح فيها عليهم أسئلة مباشرة عن اهتماماتهم وأهدافهم والتحديات التي تواجههم. تفيد المقابلات في قدرتها على استخلاص معلومات متعمقة عن الجمهور، مثل كيفية قضاء وقت الفراغ، المؤثرين الذين يحبونهم… إلخ. يوجد نوعين من المقابلات:
- المقابلة المخطط لها: تكون الأسئلة المطروحة معدة مسبقًا، بحيث يكون الحديث مركزًا حول هذه الأسئلة فقط.
- المقابلة العفوية: يتم الحِوار بشكلٍ حر، فتتدفق الأسئلة عفويًا دون تخطيط مسبق.
عند التفكير في نوعية الأسئلة التي يمكن أن تطرحها على الجمهور، احرص على الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات، فيما يلي بعض الأمثلة:
- ما هي المشكلات الرئيسية التي تواجهها مع المنتج (س)؟
- ما أهم ميزة تعجبك في المنتج (س)؟
- ما الذي تريد تحقيقه بشرائك المنتج (س)؟
- ما الكتب والمدونات ومواقع التواصل الاجتماعي ونوعية الفيديوهات التي تحب قضاء وقتك في الاطلاع عليها؟
5. استطلاعات الرأي
استطلاعات الرأي هي البديل الأكثر سهولة للمقابلات، إذ يمكن تصميمها ببساطة ومشاركتها مع الجمهور، الذي بدوره يستطيع ملئها في غضون دقائق قليلة. استخدم إحدى أدوات بناء الاستطلاعات مثل «نماذج جوجل» لإطلاق استطلاع عبر الإنترنت، اطرح الأسئلة على الجمهور لفهم الطريقة التي يفكر بها والتعرف على اهتماماته مع الحرص على الوضوح والاختصار وسهولة الخيارات، ثم انشر الاستطلاع في نافذة منبثقة على موقع الويب أو رسائل البريد الإلكتروني أو مواقع التواصل الاجتماعي.
ختامًا، تمنحك الطرق المختلفة لكيفية تحديد الجمهور المستهدف نظرة متعددة الجوانب عنه؛ بدءًا من التركيبة السكانية، حتى الاهتمامات والتحديات وأنواع المحتوى الذي يحبه. فإذا لم تتمكن من تحديد الجمهور المستهدف بدقة، يمكنك توظيف مسوق محترف من موقع مستقل، أكبر منصة عربية للعمل الحر، يجيد استخدام أدوات تحليل الجمهور وملم بعمق بأساليب دراسة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.